ملخص الملخص(7 أكتوبر 2009)
خلال 2 مليون سنة,ظلت حياة الإنسان فى حالة بدائية,...ثم قفز الإنسان فجأة ,خلال 200 سنة,إلى مستوى عالى جداً.
أى مفاجأة تحدث لأى نظام أو أى كيان,من شأنها أن تؤدى إلى الإخلال بتوازن هذا الكيان,أى فقدانه لحاله الإستقرار,...وبقدر حجم المفاجأة,يأتى حجم الإختلال فى التوازن,..ويتضح من الأرقام السابق ذكرها,أن حجم المفاجأة على الكيان الإنسانى,كان هائلاً,..ويمكن النظر إلى هذة المفاجأة على أنها خرق حاد لنظام راسخ إستمر لمدى آلاف السنين,..ويمكن تشبيه ذلك بأنسان يقوم بتغيير عاداته الراسخة ونظام حياته الذى إعتاد عليه طويلاً,بشكل فجائى,....هذا النظام الذى تم إنتهاكه يقاوم هذا الخرق الذى حدث له بما يشبة قوة جذب تجذب الحضارة مرة أخرى إلى أسفل,أى إلى الحالة البدائية,...ويزيد مقدار هذة القوة كلما زاد الخرق,أى كلما إرتفع مستوى الحضارة,مما يؤدى إلى الإنهيار الفجائى للبناء الحضارى بمجرد فقدانه لقوة إندفاعه إلى أعلى,...وحيث أن إنهيار أى شىء يستغرق زمن أقل بكثير من زمن بناءه,إذاً فالسقوط يحدث بشكل سريع جداً ومن إرتفاع عالى للغاية,أى بقوة إندفاع كبيرة جداً,فمن المستحيل أن يعود للإستقرار عند مستوى الحضارة البدائية مرة أخرى,بل يتجاوزه إلى حالة التفكك,أى التدمير شبه الكامل.
القبول الجزئى للحقيقة,فى ظل أدلة علمية ومتغيرات عالمية باتت تؤكد هذة الحقائق,هو حالة من الكذب أشد من حالة الإنكار التام التى كانت سائدة قبل سنوات,
بل الواقع أن حالة الكذب هذة تتزايد بشكل متسارع حتى تتمكن من التعتيم على الحقائق التى تتكشف كل يوم,كمحاولة من الحضارة لمقاومة وتأجيل بدء الإنهيار,...وبالتالى فإن مقدار الصدمة التى ستحدث نتيجة مواجهة الحقيقة,هى الآن أكبر بكثير من أى وقت مضى,..فمن الواضح أن فقدان الثقة بالنفس نتيجة إكتشاف قصور القدرة على مواجهة الحقيقة رغم وجود الأدلة القوية,سيكون أكبر بكثير الآن,......ومقدار هذة الصدمة هو الذى يحدد سرعة عملية الإنهيار,وبالتالى حجم الدمار الذى سينتج عنها,ذلك لأن السرعة الكبيرة تشل عملية التكيف والملائمة.
يتقلص الزمن الذى ستستغرقه عملية الإنهيار كلما تأخر حدوثه,..وهذا التقلص يتم بمعدل أقل من معدل الزيادة فى حجم الدمار الناتجة عن هذا التأخير,..ويرجع ذلك إلى أن زمن الإنهيار هو متغير يتجه إلى الصفر,..ورغم ذلك,فإن وصول الزمن الذى سيستغرقه الإنهيار إلى فترة زمنية ضئيلة جداً يطرح التساؤل عن سيناريو الأحداث التى يمكن أن تقع فى مثل هذا الزمن القصير ويترتب عليها هذا الحجم الهائل من الدمار.
الواقع أنه بفضل وسائل الإتصال والإعلام التى بلغت قوة هائلة,فإن صدمة معرفة الحقيقة ستصل للجميع فى وقت واحد تقريباً,..وأثر هذة المعرفة ستكون من القوة بحيث يشل عقل معظم الناس,فتضطرب حياتهم,بل تضطرب حالتهم الصحية بشكل فجائى وقاتل.
وهذة المعرفة لن تأتى من خبر قوى(مثل حدوث حرب كبيرة مثلاً),فالواقع أنها ستكون عبارة عن خبر ضعيف نسبياً,فهى فقط تمثل القشة التى ستقسم ظهر البعير,..فتأثيرها الهائل لن يعود إلى مقدار قوتها هى,بل إلى درجة الهشاشة العالية جداً التى أصبح عليها الإنسان حالياً,...فالدور القوى لوسائل الإعلام والإتصال,لن يبدأ فقط عند إشاعة هذا الخبر الأخير,بل إستمر طوال سنوات عديدة فى تمهيد السبيل لهذة اللحظة حيث أشاع الأسباب التى أدت إلى حالة الهشاشة الفائقة الحالية,..بل كان يدفع بهذة الهشاشة إلى المستوى الأكثر عمقاً من البناء,..مما أدى إلى أن تصبح أعمق المستويات فى أساس البناء هى أكثرها ضعفاً وهشاشة,ولتكون هى الحلقة الأضعف التى ستنقطع عندها السلسلة وينهار عليها كامل البناء,...وأقصد بذلك,..عقل الإنسان الفرد.
إذاً,فكلما تأخر الإنهيار,أصبح البناء أكثرهشاشة وحساسية(نتيجة تفاقم حالة الكذب وإستنفاد طاقة الحضارة بشكل سريع جداً),...وأصبحت القوة المطلوب توافرها فى الحادثة التى ستشعل فتيل الإنهيار,محدودة جداً,...وأصبحت الطاقة اللازمة لمنع وقوع الإنهيار عالية جداً,..لذلك فسوف تصل الطاقة المطلوبة لمنع وقوع الإنهيار,فى وقت وشيك جداً,إلى مقدار من المستحيل توفيره عملياً,وعند هذة النقطة سيحدث الإنهيار فوراً,وبسبب حادثة عادية,محدودة القوة للغاية,..فالأمر يشبه أن تكون سائراً فى الطريق ثم تجد بناء قد إنهار فجأة بجوارك,..عندها,لن تستغرب الأمر,بل ستعلل ذلك بأن هذا البناء كان يقف متماسكاً من الناحية الشكلية بينما هو ممتلئ بالشروخ العميقة غير المنظورة,الأمر الذى جعله ينهار فجأة تحت ضغط أى قوة إضافية بسيطة,..فلماذا نستغرب حدوث نفس الشىء فى حالة البناء الحضارى؟؟
ويلاحظ أنه فى مراحل صعود الحضارة,كان هذا الصعود هوالذى يمنع عملية الإنهيار من البدء,...ومع مرور الوقت,أصبح المطلوب أن يتم الصعود بوتيرة أسرع وأسرع حتى يتمكن من منع تفاعلات الإنهيار من البدء,ذلك لأنه كلما زاد إرتفاع الحضارة زادت القوة التى تجذبها إلى أسفل,كما شرحنا فى المقدمة,
...وقد وصلت سرعة هذا الصعود إلى معدل عالى جداً فى السنوات الأخيرة من القرن العشرين,وبات من المستحيل الإستمرار فى هذا التزايد المتسارع,..ومع بداية القرن الجديد أصبحنا نحتاج إلى طاقة هائلة لمجرد الحفاظ على الإرتفاع الحضارى الذى وصلنا إليه,...ومع مرور كل يوم,يتزايد,وبشكل متسارع,مقدار الطاقة المطلوبة لمجرد الحفاظ على نفس المستوى الحضارى,...وبتتبع هذا المنحنى يمكن تحديد اللحظة التى سيكون من المستحيل فيها توفير المقدار اللازم من الطاقة لتأخير الإنهيار,..وبالتالى يمكن تحديد موعد الإنهيار بدرجة طيبة من الدقة.
فى السنوات الأخيرة خابت توقعاتى بشأن موعد الإنهيار,أكثر من مرة,..وبلا شك فإن التوقعات الخائبة تنقص من مصداقية قائلها,..ولكن النظر إلى الأمر بعمق يشير إلى أن التوقعات السابقة الخائبة هى دليل فى صالح,وليس ضد,مصداقية التوقع الحالى,..فالإنهيار قد تأخر خلال السنوات السابقة نتيجة بذل مقدار إستثنائى هائل من طاقة المقاومة,وهذا ما جعل توقع حدوثه أمر صعب,...ولكن,إلى أى مدى يمكن تصور أستمرار هذة الحالة الإستثنائية وهذا الجهد الهائل المبذول؟ إن الطريقة التى إستخدمتها فى حساب تقديرى الحالى لموعد الإنهيار تقوم على قياس درجة هشاشة وحساسية البناء الحضارى,وذلك عن طريق تقدير القوة المطلوبة الآن فى حدث ما لكى يتمكن من إشعال فتيل الإنهيار,...ولقد رأيت أن نشر هذا الملخص(أو صيغة أخرى شبيهة به),عن طريق الإنترنت مثلاً,سوف تتوفر له القوة اللازمة لإشعال فتيل الإنهيار خلال أسابيع,..قد يبدو هذا الموعد مبالغ فى قربه,..ولكن يجب وضع نقاط أساسية فى الإعتبار,...أولاً,أن المرحلة الأخيرة من أى تسارع رياضى تحدث آثار هائلة فى فترة قصيرة جداً,....ثانياً,يجب عدم الإنخداع فى ملاحظة أن الحياة حولنا تسير بشكل شبه معتاد بل ورتيب,بشكل لا يوحى على الإطلاق بأن تغيرات دراماتيكية هى وشيكة الوقوع,..فهذا الهدوء هو هدوء ظاهرى,شكلى,...أما لو تأملنا فى حال المستويات العميقة,مثل العلاقات الإجتماعية الحميمة,..والمستويات الأكثر عمقاً,مثل فكر ومعنوية الإنسان الفرد,..فهل يا ترى سنجد الحال هادئة ورتيبة أيضاً؟!
وأخيراً,..صحيح أن هناك فروق بين بلد وآخر,ولكن أثر هذة الفروق سيظهر فى حجم الدمار وسرعة الإنهيار,أكثر مما سيظهر فى موعده.
--------------------------------------------------